جوهر قلب المؤمن

واجهة المؤمن

قلب المؤمن

صورإسلامية

مواقع إسلامية

البريد الإلكتروني


أربعون نصيحة

 أربعون نصيحة
لإصلاح البيوت

(3)

 

محمد صالح المنجد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة :

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ... أما بعد :

 الأخلاق في البيت

نصيحة 21 : إشاعة خلق الرفق في البيت :

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا أراد الله-عز وجل- بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد في المسند 6/71 وهو في صحيح الجامع 303 وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 1704 . أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب رقم 2593 .

نصيحة 22 : معاونة أهل البيت في عمل البيت

كثير من الرجال يأنفون من العمل البيتي ، وبعضهم يعتقد أن مما ينقص من قدره ومنزلته أن يخوض مع أهل البيت في مهنتهم .

فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان " يخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم " رواه الإمام أحمد في المسند 6/121 وهو في صحيح الجامع 4927 .

قالت ذلك زوجته عائشة رضي الله عنها لما سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته فأجابت بما شاهدته بنفسها وفي رواية : كان بشراً من البشر يفلي " يُنقي " ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه . رواه الإمام أحمد في المسند 6/256 وهو في السلسلة الصحيحة 671. وسُئلت رضي الله عنها أيضاً ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ،قالت:كان يكون في مهنة أهله-تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة .رواه البخاري ، الفتح 2/162

فإذا فعلنا ذلك نحن اليوم نكون قد حققنا عدة مصالح :

اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم .

ساعدنا أهلينا .

شعرنا بالتواضع وعدم الكبر .

وبعض الرجال يطالب زوجته بالطعام فوراً ، والقدر فوق النار ، والولد يصرخ يريد الرضاع ، فلا هو يمسك الولد ، ولا هو ينتظر الطعام قليلاً ، فلتكن هذه الأحاديث تذكرة وعبرة .

نصيحة 23 : الملاطفة والممازحة لأهل البيت

ملاطفة الزوجة والأولاد من الأسباب المؤدية إلى إشاعة أجواء السعادة والألفة في البيت ، ولذلك نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم جابراً أن يتزوج بكراً ، وحثه بقوله : " فهلا بكراً تُلاعبها وتُلاعبك وتضاحكها وتضاحكك " الحديث في عدة مواضع في الصحيحين ومنها البخاري مع الفتح 9/121 وقال صلى الله عليه وسلم : " كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع ، ملاعبة الرجل امرأته .. " رواه النسائي في عشرة النساء ص 87 وهو في صحيح الجامع . وكان صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجته عائشة وهو يغتسل معها ، كما قالت رضي الله عنها : " كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد ، فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، قالت : وهما جنبان " مسلم بشرح النووي 4/6 .

وأما ملاطفته صلى الله عليه وسلم للصبيان فأشهر أن تذكر ، وكان كثيراً ما يلاطف الحسن والحسين كما تقدم ، ولعل هذا من الأسباب التي تجعل الصبيان يفرحون بمقدمه صلى الله عليه وسلم من السفر فيُهرعون لاستقباله كما جاء في الحديث الصحيح : " كان إذا قدم من سفر تُلقي بصبيان أهل بيته " صحيح مسلم 4/1885-2772 وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 وكان صلى الله عليه وسلم يضمهم إليه كما قال عبد الله بن جعفر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بنا ، فتُلقي بي وبالحسن أو بالحسين ، قال : فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة " صحيح مسلم 4/1885-2772 ، وانظر الشرح في تحفة الأحوذي 8/56 .

قارن بين هذا وبين حال بعض البيوت الكئيبة لا فيها مزاح بالحق ، وملاطفة ولا رحمة . ومن ظن أن تقبيل الأولاد يتنافى مع هيبة الأب فليقرأ هذا الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " من لا يرحم لا يُرحم " .

نصيحة 24 : مقاومة الأخلاق الرديئة في البيت :

لا يخلو فرد من الأفراد في البيت من خلق غير سوي كالكذب أو الغيبة والنميمة ونحوها ، ولابد من مقاومة هذه الأخلاق الرديئة .

وبعض الناس يظن أن العقوبة البدينة هي العلاج الوحيد في مثل هذه الحالات ، وفيما يلي حديث صحيح تربوي في هذا الموضوع ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطّلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة " انظر مسند الإمام أحمد 6/152 ونص الحديث في صحيح الجامع رقم 4675 .

ويتبين من الحديث أن الأعراض والهجر بترك الكلام والالتفات من العقوبات البليغة في مثل هذا الحال ، وربما كان أبلغ أثراً من العقاب البدني ، فليتأمله المربون في البيوت .

نصيحة 25 : ( علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ) أخرجه أبو نعيم في الحلية 7/332 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1446 .

التلويح بالعقوبة من وسائل التأديب الراقية ، ولذلك جاء بيان السبب من تعليق السوط أو العصا في البيت ، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه آدب لهم " أخرجه الطبراني 10/344-345 وهو في السلسلة الصحيحة برقم 1447 .

ورؤية أداة العقاب معلقة يجعل أصحاب النوايا السيئة يرتدعون عن ملابسة الرذائل خوفاً أن ينالهم منه نائل ، ويكون باعثاً لهم على التأدب والتخلق بالأخلاق الفاضلة ، قال ابن الأنباري : " لم يرد به الضرب به لأنه لم يأمر بذلك أحداً ، وإنما أراد لا ترفع أدبك عنهم". انظر فيض القدير للمناوي 4/325 .

والضرب ليس هو الأصل أبداً ، ولا يلجأ إليه إلا عند استنفاد الوسائل الأخرى للتأديب،أو الحمل على الطاعات الواجبة ، كمل قوله تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرهن في المضاجع واضربوهن } النساء الآية 34 . على الترتيب ومثل حديث:{ مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين،واضربوهم عليها وهم أبناء عشر}سنن أبي داود1/334وانظر إرواء الغليل 1/266 .

أما استعمال الضرب دون الحاجة فإنه اعتداء ورسول الله صلى الله عليه وسلم نصح امرأة أن لا تتزوج من رجل لأنه لا يضع العصا عن عاتقه أي ضراب للنساء ، أما من يرى عدم استخدام الضرب مطلقاً تقليداً لبعض نظريات الكفار في التربية ، فرأيه خاطئ يخالف النصوص الشرعية .

المنكرات في البيت

نصيحة 26:الحذر من دخول الأقارب غير المحارم على المرأة في البيت عند غياب زوجها .

نصيحة 27 : فصل النساء عن الرجال في الزيارات العائلية .

نصيحة 28 : الانتباه لخطورة السائقين والخادمات في البيوت .

نصيحة 29 : اخرجوا المخنثين من بيوتكم .

نصيحة 30 : احذر أخطار الشاشة .

نصيحة 31 : الحذر من شر الهاتف .

نصيحة 32 : يجب إزالة كل ما فيه رمز لأديان الكفار الباطلة أو معبوداتهم وآلهتهم .

نصيحة 33 : إزالة صور ذوات الأرواح .

نصيحة 34 : امنعوا التدخين في بيوتكم .

نصيحة 35 : إياك واقتناء الكلاب في البيوت .

نصيحة 36 : الابتعاد عن تزويق البيوت .  البيت من الداخل والخارج

نصيحة 37 : حسن اختيار موقع البيت وتصميمه : لا شك أن المسلم الحق يراعي في اختيار بيته وتصميمه أمراً لا يراعيها غيره .

فمن جهة الموقع مثلاً :

أن يكون البيت قريباً من مسجد وفي هذا فوائد عظيمة لا تخفى ، فالنداء يذكر ويوقظ للصلاة ، والقرب يمكن الرجل من إدراك الجماعة ، والنساء من سماع التلاوة والذكر من مكبر المسجد ، والصغار من إتيان حلقة تحفيظ القرآن وهكذا ..

أن لا يكون في عمارة فيها فساق أو مجمعات سكنية فيها كفار يتوسطها مسبح مختلط ونحو ذلك

أن لا يكشف ولا يُكشف ، ولو حصل يستعان بالسواتر وتعلية الجدر .

ومن جهة التصميم مثلاً :

أن يراعى فيه فصل الرجال عن النساء من الزوار الأجانب من ناحية المدخل ، وصالات الجلوس ، وإن لم يحصل فيستعين بالستائر والحواجز .

ستر الشبابيك : بحيث لا يظهر من في الغرف للجار ، أو لرجل الشارع ، وخصوصاً في الليل عندما تضاء الأنوار .

أن لا تكون المراحيض باتجاه القبلة عند استخدامها .

أن يختار المسكن الواسع والدار كثيرة المرافق ، وذلك لأمور منها :

" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده "حديث رواه الترمذي رقم 2819 وقال:هذا حديث حسن.

" ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء ، فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك ، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق ، ومن الشقاء : المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوف ، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار قليلة المرافق " حديث رواه الحاكم 3/262 وهو في صحيح الجامع برقم 3056 .

الحرص على الأمور الصحية كالتهوية ودخول الشمس ، وهذه وغيرها مقيدة بالقدرة المادية والإمكانات المتاحة .

نصيحة 38 : اختيار الجار قبل الدار

وهذه مسألة تحتاج إلى إفراد لأهميتها .

فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره ، بفعل تقارب المساكن ، وتجمع الناس في البنايات والشقق ، والمجمعات السكنية .

وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من السعادة وذكر منها : الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها : الجار السوء رواه أبو نعيم في الحلية 8/388 وهو في صحيح الجامع 887 . ولخطر هذا الأخير كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه في دعائه فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة " أي الذي يجاورك في مكان ثابت " فإن جار البادية يتحول " رواه الحاكم 1/532 وهو في صحيح الجامع 1290 .

وأمر المسلمين أن يتعوذوا من ذلك فقال : " تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام ، فإن الجار البادي يتحول عنك " رواه البخاري في الأدب المفرد رقم 117 واللفظ في صحيح الجامع 2967 .

ويضيق المجال للحديث عن أثر جار السوء على الزوجين والأولاد ، وأنواع الإيذاء التي تصدر عنه ، ومنغصات العيش بجانبه ، ولكن في تطبيق الأحاديث السابقة على الواقع كفاية للمعتبر ، ولعل من الحلول العلمية ما ينفذه بعض الطيبين من استئجار السكن المتجاور لعائلاتهم ، لحل مشكلة الجيرة ولو على حساب بعض الماديات ، فإن الجيرة الصالحة لا تقدر بمال .

نصيحة 39 : الاهتمام بالإصلاحات اللازمة وتوفير وسائل الراحة

من نعم الله علينا في هذا الزمان ما وهبنا من وسائل الراحة التي تسهل أمور المعيشة في هذه الدنيا ، وتوفر الأوقات كالمكيف والثلاجة والغسالة .. إلخ ، فيكون من الحكمة توفيرها في البيت بالجودة التي يستطيعها صاحب البيت من غير إسراف ولا مشقة ، ولابد من التفريق بين الأمور التحسينية المفيدة والكماليات الزائفة التي لا قيمة لها .

ومن الاهتمام بالبيت إصلاح ما فسد من مرافقه وأجهزته ، وبعض الناس يهملون ، وتشتكي زوجاتهم من بيوت تعج فيها الحشرات ، وتفيض فيها البلاعات ، وتفوح القمامة بالروائح الكريهة ، وتتناثر فيه قطع الأثاث المكسور والتالف .

ولا شك أن هذا مما يمنع حصول السعادة في البيت ، ويسبب مشكلات زوجية وصحية ، فالعاقل من عالج ذلك .

نصيحة 40 : الاعتناء بصحة أهل البيت وإجراءات السلامة

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات " رواه مسلم رقم 2192 . " وكان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك " المرض " أمر بالحساء " المرقة المعروفة " فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، وكان بقول : " إنه ليرتق " يشد " فؤاد الحزين ، ويسرو " يكشف " عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها " رواه الترمذي رقم 2039 وهو في صحيح الجامع رقم 4646 ،

وعن بعض إجراءات الوقاية والسلامة :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمسيتم فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، فغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً " مثل العود ونحوها " وأطفئوا مصابيحكم " رواه البخاري الفتح 10/88-89 . وفي رواية لمسلم : " أغلقوا أبوابكم ، وخمروا آنيتكم ، وأطفئوها سرجكم ، وأوكئوا أسقيتكم " شدوا رباطها على أفواها " فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً ، ولا يكشف غطاء ، ولا يحل وكاء ، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله " " أي تسحب فتيل السراج فيشتعل البيت " رواه الإمام أحمد في المسند 3/301 وهو في صحيح الجامع 1080 .

وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون "رواه البخاري ، الفتح 11/85 .

والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

 

 

               

 

                                           الاحد, 30 محرم 1425 02:41:59 م +0200